ن عملية التربية عملية مهمة جداً، وهي أعظم مهمة على وجه الأرض، فقد كانت التربية هي دأب الأنبياء والصالحين، إذ كان هدفهم تربية النفوس البعيدة عن الدين، وتهذيب النفوس التي تدين دين الحق، ولذلك فإن هذه المهمة ليست بالسهلة، وهي مهمة غير مقتصرة على الأسرة لوحدها وحسب -رغم أن للأسرة النصيب الأكبر في ذلك- إلا أنها مهمة الأم والأب في الأسرة، ومهمة المدرسة، والإعلام، والشارع، وما يعرض في الإنترنت وغيرها، ولكن كل الوسائل السابقة يجب فلترتها وتصفيتها في الأسرة.
وعند السؤال بكيف أجعل ابني متميزاً؟ هو باختصار كيف نقوم بتربيته تربية متميزة، وإن التميز له مجالات كثيرة، ولا يوجد إنسان متميز في كل شيء، إنما يكون مختص في شيء ومثقف عارفٌ في كل شيء، أما عن كيف أن نجعل شخصاً متميزاً فتكون بصقله منذ الصغر إن أمكن .
منذ نعومة أظافر الطفل يجب متابعته عن كثب، ومعرفة ميوله، وما الأشياء التي يحبها، وما الألوان التي يفضلها، وما في الأمور التي تجذبه، وتظهر كل هذه الأشياء على الطفل من مراحل مبكرة من عمر السنتين وما بعدها، لذا فإن دور الأم أكبر نوعاً ما في موضوع التربية؛ لأنها تكون مع ابنها من مراحل عمره الأولى فتعرف خصائصه وميوله، بعدها يجب متابعة الطفل كلما كبر، وقبل التحاقه بالروضة يجب على الوالدين عمل جدول واضح للطفل؛ حتى يتعوّد على نمط النظام في حياته، فإن تنظيم الوقت هو العامل الأساسي في تميز الأشخاص، وحتى في ظهور العباقرة؛ لذا يجب الحرص على هذه النقطة.
تنمية ميول الطفل منذ صغره، فإذا كان منجذباً نحو الرسومات فهذا يعني أنه يمتلك حساً فنياً، وإذا كان منجذباً نحو الغناء فهو يمتلك حساً في هذا الجانب، وصحيح أن الأطفال في هذا العمر يقلدون والديهم، ولكن يجب ترك مساحة لتكوين شخصيتهم منذ الصغر، وعند التحاقه بالروضة وتعرفه على المجتمع الخارجي، ستظهر صفات أخرى للطفل سواءاً أكان عدوانياً أاو متعاوني أو خجولاً أو واثقاً من نفسه، عندها يجب أن يتكاثف دور الأسرة مع الروضة في تنمية قدرات الطفل، والتركيز على جوانب القوة لديه .
وفي مرحلة المدرسة أهم ما في الأمر أن يكون الإبن محباً للدراسة بعدها لن تتغلب الأم في تدريسه، وإذا كان بعض الإشكاليات كل ما عليها هو تمثيل الدروس له، وإعطائه المعلومات على شكل القصص، وربطها بالطعام والأشياء اللذيذة التي يحبها الصغار، ومن المهم عمل جداول واضحة ومكتوبة، وليست شفوية للمواد التي يدرسها الطفل، وماذا تم انجازه؟ وماذا تبقى؟ وإشعاره بأنه أنجز وقام بعمل كبير، وفي واقع الأمر هو قام بأمر لو لم تتخذ أساليب تحسينه؛ لاعتبره أمراً فوق إرادته.
بعدها يجب متابعة الطفل وسؤاله ماذا يريد أن يكون؟ وتوضيح آماله واستفسارته جميعها، وإلحاقه بمعاهد أو دورات أو مراكز تنمي الموهبة التي تم اكتشافها عنده، ويتم متابعة الأسرة له في كل مراحل عمره، ومع كل المؤسسات التعليمية والتربوية والتنموية التي يلتحق بها .