يَقول نَزار قَبّاني:
كَلِمَاتُنَا فِي الحُبِّ تَقْتُلُ حُبَّنَا
إِنَّ الحُرُوفَ تَمُوتُ حِينَ تُقَالُ
لَنْ أَتحدَّث عَن كَلِمَات المُحبِّين، ولَا عَن كَلِمَات النَّاس لبَعضهم البَعض، بَل سأتحدَّث عَن كَلِمَات الإنسَان «مَع نَفسه»؛ ولنَفسه، حِين يَخلو بِهَا، أو حِين يُحدِّث ذَاته..!
أحيَانًا يَصف الإنسَان نَفسه بالغَبَاء، فيَقول: «أنَا غَبي»، أو «أنَا سَاذِج»، أو «مَا كُنتُ أَعْرف أنَّني عَبيط إلَى هَذه الدَّرجة».. هَذه الكَلِمَات وغَيرها التي يَنطق بِهَا الإنسَان، ويُقلِّل بِهَا مِن نَفسهِ، لَها تَأثيرٌ عَلى أَدَائه وطَريقة تَفكيره، دُون أنْ يَدري. فهَل العَقْل البَاطِن يَأخذ هَذه الكَلِمَات عَلى مَحمل الجدّ..؟!
لَن أُجيب عَلى مِثل هَذه الأسئِلَة الشَّائِكَة، لأنَّها تَحتَاج إلَى مُتخصِّص، لذَلك دَعونا نَستعين بالبَاحثة «لويز هاي»، التي تَقول في كِتَابها «القوّة في دَاخلك» صـ36: (لَا تُميِّز عقُولنا البَاطنيّة الخَير مِن البَاطِل، فلَيس عَلينا أنْ نُقلِّل مِن قِيمة أنفسنَا، ونَعتبرها غَبيّة أو غَير صَالِحَة، فعقُولنا البَاطنيّة ستتبع تِلقَائيًّا أحكَامنا عَلى أنفسِنَا)..!
والسُّؤال هُنَا: هَل العَقْل البَاطِن يُفرِّق؛ بَين كَلام الجدّ وكَلام المَزح؟، أو عِندَما تَستَظرف نَفسك وتَستخفّ دَمَّك، وتَقول: «أنَا مِثل القِرد»، فهَل العَقل البَاطِن يُميِّز مَا تَقول، ويَعرف أنَّك تَمزح؟ أم يَأخذ الكَلام حَرفيًّا، ويُعاملك عَلى أنَّك قِرد..؟!
لنَستعن مَرَّة أُخرَى بالبَاحِثَة «لويز»، حَيثُ تَقول: (لَا يَملك عَقلنا البَاطني حِسّ الفُكَاهَة، ومِن المُهم أنْ تَفهم هَذه الفِكرَة، فلا يُمكنك أنْ تَهزأ بنَفسك؛ عَلَى اعتبَار أنَّ ذَلك يَخلو مِن العَواقِب، حتَّى لَو لَم تَقصد بَخس نَفسك، فعَقلك البَاطني سيَقبل بِهِ)..!
حَسنًا.. ماذا بقي؟!
بَقي أنْ أُذكِّركم بأنْ تَكونوا إيجَابيّين، ومُتوازنين مَع أَنْفُسكم،
أحمد العرفج