يــحكى أن حاكماً دعا فناناً تشكيلياً شهيراً و أمره برسم صورتين
مختلفتين و متناقضتين عند باب اكبر معبد في البلاد
امره أن يرسم صوره ملاك و يرسم مقابلها صوره الشيطان
لتكون رمزاً للفضيله و الرذيله
و قام الرسام بالبحث عن مصدر يستوحي منه الصور ..وعثر على طفل بريء وجميل تطل السكينة من وجهه الأبيض المستدير وتغرق عيناه في بحر من السعادة
ذهب معه الى أهله و استأذنهم في استلهام صوره الملاك من خلال جلوس الطفل أمامه كل يوم حتى ينهي ذلك الرسم مقابل مبلغ مالي
و بعد شهر أصبح الرسم جاهزا و مبهرا للناس
و كان نسخه من وجه الطفل ولم ترسم لوحه أروع منها في ذلك الزمان
و بدأ الرسام في البحث عن شخص يستوحي منه وجه صوره الشيطان
و كان الرجل جادا في الموضوع لذا بحث كثيراً و طال بحثه لأكثر من اربعين عاما و أصبح الحاكم يخشى ان يموت الرسام قبل ان يستكمل
التحفه التاريخية
لذلك أعلن عن جائزة كبرى ستمنح لأكثر الوجوه إثارة للرعب
و قد زار الفنان السجون و العيادات النفسية و الحانات .و أماكن المجرمين
لكنهم جميعا ً كانوا بشرا ًو ليسوا شياطين
و ذات مره عثر الفنان فجاه على( الشيطان! )
و كان عبارة عن رجل سيء يبتلع زجاجه خمر في زاوية ضيقه داخل حانه قذرة اقترب منه الرسام وحدثه حول الموضوع .. و وعد بإعطائه مبلغ هائل من المال .. فوافق الرجل
و كان قبيح المنظر ..كريه الرائحة ..أصلع وله شعرات تنبت في وسط رأسه كأنها رؤوس الشياطين !
و كان عديم الروح و لا يأبه بشيء ويتكلم بصوت عال ٍو فمه خال ٍمن الأسنان
فرح به الحاكم لان العثور عليه سيتيح استكمال تحفته الفنية الغالية
جلس الرسام أمام الرجل و بدأ برسم ملامحه مضيفاً إليها ملامح ( الشيطان !)
و ذات يوم التفت الفنان الى الشيطان الجالس أمامه و إذا بدمعه تنزل
على خده فاستغرب الموضوع
و سأله إذا كان يريد ان يدخن أو يحتسي الخمر !
فأجابه بصوت اقرب الى البكاء المختنق
( أنت يا سيدي زرتني منذ أكثر من اربعين عاما حين كنت طفلا صغيرا
و استلهمت من وجهي صوره الملائكة وأنت اليوم تستلهم مني صوره الشيطان
لقد غيرتني الأيام و الليالي حتى أصبحت نقيض ذاتي!
بسبب أفعالي .. و انفجرت الدموع من عينيه و ارتمى على كتف الفنان
و جلسا معا يبكيان أمام صوره الملاك !