حل لمشلكة الانفعال

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ياسمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فربما ظننت في نفسك أن هذا الانفعال الزائد وهذا الغضب السريع مرجعه إلى طبيعة فيك، وقد يكون الأمر ليس كذلك، فإنك في هذا الوقت لو تأملت في وضع يساعد شيئاً ما على ظهور مثل هذه الانفعالات الزائدة، والتي يمكن وصفها بأنها حالة طارئة وفي نفس الوقت شائعة جدّاً خاصة في مثل وضعك الذي أنت فيه، فتلاحظي أنك بحمد الله تعالى امرأة صاحبة زوج فلها اهتماماتها بزوجها وحساب علاقتها معه، ولك أيضاً بفضل الله ومنته أربعة أبناء يحتاجون الرعاية والمتابعة والقيام على شؤونهم، وهنالك أيضاً مشاكلهم الصغيرة أو الكبيرة والخوف عليهم وعلى أخلاقهم، لا سيما إن كان بعضهم في المدرسة، فهذا يحتاج إلى مزيد رعاية ومتابعة.

وهنالك العلاقات الاجتماعية الأسرية القريبة والبعيدة، وهناك العمل الصباحي ومتاعب الوظيفة، وهنالك وهنالك.

إذن فهذا الوضع قد شكَّل عبئاً على نفسك فظهر ذلك في صورة هذه الانفعالات السريعة، وربما أيضاً الكثيرة والحادة، وهذا أمر – وكما أشرنا – شائع ومنتشر لا سيما في النساء من أمثالك ممن قد جمعن بين الوظيفة وبيت الزوجية والأولاد خاصة مع تقارب سنِّهم – حفظهم الله تعالى ورعاهم – فنود منك أولاً ألا تقلقي من ظهور مثل هذه الانفعالات الزائدة، وأن تتعاملي معها على أنها ليست مرضاً نفسيّاً ولا هي بالأمر الشاذ والمستغرب، ولكن انظري إليها على أنها أمور طارئة ستزول عند ترتيب الوضع بخطوات سهلة ميسورة، فاحرصي عليها واعملي بها:

1- هذا العبء الثقيل على نفسك لابد من إعانة من الله تعالى تشملك كي تستطيعين القيام به على الوجه المطلوب، إذن لابد من الاستعانة بالله، ولابد من طلب العون منه والركون إليه، فاستغيثي بربك واطلبي منه أن يمدك بالعافية والقوة والإعانة؛ قال تعالى: ((وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ))[المائدة:23]، وقال تعالى: (( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ))[الطلاق:3] أي فهو كافية وناصره.

2- الانفعال من طبيعة البشر؛ فإن الانفعال حركة في النفس قد تظهر على هيئة غضب أو هيئة ضحك، أو في صورة دمعات تسيل من العينين، فكل ذلك انفعال وهذا ليس بمذموم فإنه من طبيعة البشر الأصيلة؛ قال تعالى: (( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ))[النجم:43]، فكل ذلك إذن مرجعه إلى الفطرة الإنسانية، ولكن قد يحصل للإنسان زيادة في هذا الانفعال فيحتاج حينئذ إلى تعديل هذه الزيادة وضبطها لترجع إلى حدها المعتدل، فبهذا الفهم وبهذا النظر تستطيعين أن تعدِّلي من حدة انفعالك، فليس المطلوب ألا تنفعلي ولكن المطلوب ضبط هذا الانفعال، ويكون ذلك بحرصك على القرب من الله تعالى وعلى طاعته، لا سيما فيما يتعلق بالواجبات الدينية كالحرص على الصلوات المفروضة وعلى سائر الواجبات الشرعية؛ فإن للطاعة سكينة في القلب وطمأنينة في النفس تضاد زيادة الانفعال وزيادة القلق، وهذا هو عين ما تعانين منه، فإن لديك شيئاً من تراكم الهموم والأعباء والمسئوليات، فينعكس ذلك على صورة غضب زائد واستثارة سريعة، فعالجي ذلك بقربك من الله واستعانتك به، فهذه هي الخطوة الثانية فاحرصي عليها.

3- ترتيب الأمور الأهم فالأهم، فإن الإنسان قد يعجز عن القيام بجميع المطلوب منه، وحينئذ فلتنصرف همتك إلى أمرين: الأول: ترتيب الأولى فالأولى والأهم فالأهم، والثاني: ما لا يدرك كله لا يترك جله، فبهذا النظر تخف عليك الهموم وتشعرين بأنك قد أنجزت المطلوب، ولو لم يكن جميع ما تريدين، فاعرفي ذلك.

4- العمل على تهدئة النفس وإجمامها، فالمطلوب منك تهدئة نفسك وذلك بعدم إشغالها بكثرة التفكير في هذه الأمور المقلقة، وهوِّني على نفسك بتذكر أن مشاغل الدنيا لا تنتهي، وأن الإنسان يكفيه القيام بما هو ضروري، وأن يسعى في التتمات بعد ذلك، فهدئي من نفسك واعملي على إجمامها، وهي الخطوة الخامسة:

5- فخذي بالترويح عن نفسك وتسليتها بالأمور المشروعة المباحة، كالنزهة البريئة والزيارة الاجتماعية المحببة، وما أحسن لو ذهبتم جميعاً مع زوجك وأولادك في رحلة للعمرة، فهي رحلة عبادة وقربة ونزهة وفسحة وسياحة، فخذي بنفسك بالهدوء وجددي الأجواء من حولك لتهدأ نفسك وتستريح أعصابك.

6- تجنب أسباب الانفعال قدر الاستطاعة، فكما تتجنبين الأفكار التي تجلب الانفعال فتجنبي أسباب الانفعال كذلك.

7- تهيئة النفس للهدوء قبل ورود أي أمر قد يثير انفعالك، بحيث تعوِّدين نفسك وتهييئينها للهدوء وعدم الاستثارة، وهذا يكون بالاستحضار الذهني المحض.

8- ممارسة الرياضة اللطيفة المباحة خاصة رياضة المشي بحيث تجمين نفسك وتهدئين من حدة انفعالك، فإن للرياضة تأثيراً حسناً في النفس.

فهذه خطوات على كثرتها سهلة ميسورة فاعملي بها واحرصي عليها، وستجدين بإذن الله تعالى أنك قد تخلصت من حدة هذا الانفعال تدريجيّاً، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

السسسلام عليككم اختي الغالية
نعم افادتني هذه النصائح لانني كذلك اغضب وانفعل بشده
مشكورة جدا غلاتي
يعطيك العافية